الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال القرطبي: قوله تعالى: {قَالَتْ فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}لما رأت افتتانهن بيوسف أظهرت عذر نفسها بقولها: {لُمْتُنَّنِي فِيهِ} أي بحبه، و{ذلك} بمعنى هذا وهو اختيار الطَّبريّ.وقيل: الهاء للحب، و{ذلك} على بابه، والمعنى: ذلكن الحُب الذي لمتنني فيه، أي حبّ هذا هو ذلك الحب.واللوم الوصف بالقبيح. ثم أقرّت وقالت: {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم} أي امتنع؛ وسميت العصمة عصمة لأنها تمنع من ارتكاب المعصية.وقيل: {استعصم} أي استعصى، والمعنى واحد.{وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ} عاودته المراودة بمحضر منهن، وهتكت جِلباب الحياء، ووعدت بالسجن إن لم يفعل، وإنما فعلت هذا حين لم تخش لَوْمًا ولا مقالًا خلافَ أوّل أمرها إذ كان ذلك بينه وبينها.{وَلَيَكُونًا مِّن الصاغرين} أي الأذلاء.وخط المصحف {وليكونًا} بالألف وتقرأ بنون مخففة للتأكيد؛ ونون التأكيد تثقّل وتخفّف والوقف على قوله: {لَيُسْجَنَنَّ} بالنون لأنها مثقلة، وعلى {ليكونًا} بالألف لأنها مخففة، وهي تشبه نون الإعراب في قولك: رأيت رجلًا وزيدًا وعمرًا، ومثله قوله: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} ونحوها الوقف عليها بالألف، كقول الأعشى:أي أراد فاعبدًا، فلما وقف عليه كان الوَقف بالألف.قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السجن أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} أي دخول السجن، فحذف المضاف؛ قاله الزّجاج والنّحاس.{أَحَبُّ إِلَيَّ} أي أسهل عليّ وأهون من الوقوع في المعصية؛ لا أنّ دخول السجن مما يُحَبّ على التحقيق.وحُكي أن يوسف عليه السلام لما قال: {السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} أوحى الله إليه «يا يوسف! أنت حبست نفسك حيث قلت السجن أحبّ إليّ، ولو قلت العافية أحبّ إليّ لعوفيت». وحكى أبو حاتم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قرأ: {السَّجْن} بفتح السين وحكي أن ذلك قراءة ابن أبي إسحق وعبد الرحمن الأعرج ويعقوب؛ وهو مصدر سَجَنه سَجْنًا. {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ} أي كيد النّسوان.وقيل: كيد النّسوة اللاتي رأينه؟ فإنهنّ أمرنه بمطاوعة امرأة العزيز، وقلن له: هي مظلومة وقد ظلمتها.وقيل: طلبت كل واحدة أن تخلو به للنصيحة في امرأة العزيز؛ والقصد بذلك أن تَعذِله في حقها، وتأمره بمساعدتها، فلعله يجيب؛ فصارت كل واحدة تخلو به على حدة فتقول له: يا يوسف! اقض لي حاجتي فأنا خير لك من سيدتك؛ تدعوه كل واحدة لنفسها وتراوده؛ فقال: يا رب كانت واحدة فصرن جماعة.وقيل: كيد امرأة العزيز فيما دعته إليه من الفاحشة؛ وكنى عنها بخطاب الجمع إما لتعظيم شأنها في الخطاب، وإما ليعدل عن التصريح إلى التعريض.والكيد الاحتيال والاجتهاد؛ ولهذا سميت الحرب كيدًا لاحتيال الناس فيها؛ قال عمر بن لَجَأ: {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} جواب الشرط، أي أَمِلْ إليهن؛ من صبا يصبو إذا مال واشتاق صُبُوًّا وصَبْوة؛ قال: أي إن لم تَلطُف بي في اجتناب المعصية وقعت فيها.{وَأَكُن مِّنَ الجاهلين} أي ممن يرتكب الإثم ويستحق الذم، أو ممن يعمل عمل الجهال؛ ودلّ هذا على أن أحدًا لا يمتنع عن معصية الله إلا بعون الله؛ ودلّ أيضًا على قبح الجهل والذم لصاحبه.قوله تعالى: {فاستجاب لَهُ رَبُّهُ} لِمَا قال: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ} تعرّض للدعاء، وكأنه قال: اللهم اصرف عني كيدهنّ؛ فاستجاب له دعاءه، ولطف به وعصمه عن الوقوع في الزنى.{كَيْدَهُنَّ} قيل: لأنهن جمع قد راودنه عن نفسه. وقيل: يعني كيد النساء. وقيل: يعني كيد امرأة العزيز، على ما ذكر في الآية قبل؛ والعموم أولى. اهـ. .قال الخازن: قوله تعالى: {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه} يعني قالت امرأة العزيز للنسوة لما رأين يوسف ودهشن عند رؤيته فذلكن الذي لمتنني في محبته وإنما قالت ذلك لإقامة عذرها عندهن حين قلن إن امرأة العزيز قد شغفها فتاها الكنعاني حبًا وإنما قالت فذلكن الذي الخ بعد ما قام من المجلس وذهب وقال صاحب الكشاف قالت فذلكن ولم تقل فهذا وهو حاضر رفعا لمنزلته في الحسن واستحقاق أن يحب ويفتن به ويجوز أن يكون إشارة إلى المعنى بقولهن عشقت عبدها الكنعاني تقول هو ذلك العبد الكنعاني الذي صورتن في أنفسكن ثم لمتنني فيه ثم إن امرأة العزيز صرحت بما فعلت فقالت: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} يعني فامتنع من ذلك الفعل الذي طلبته منه وإنما صرحت بذلك لأنها علمت أنه لا ملامة عليه منهن وأنهن قد أصابهن ما أصابها عند رؤيته ثم إن امرأة العزيز قالت: {ولئن لم يفعل ما آمره} يعني وإن لم يطاوعني يما دعوته إليه: {ليسجنن} أي ليعاقبن بالسجن والحبس: {وليكونًا من الصاغرين} يعني: من الأذلاء المهانين فقال النسوة ليوسف أطع مولاتك فيما دعتك إليه فاختار يوسف السجن على المعصية حين توعدته المرأة بذلك: {قال رب} أي يا رب: {السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه} قيل: إن الدعاء كان منها خاصة وإنما أضافه إليهن جميعًا خروجًا من التصريح إلى العريض، وقيل: إنهن جميعًا دعونه إلى أنفسهن، وقيل: إنهن لما قلن له أطع مولاتك صحت إفاضة الدعاء إليهن جميعًا أو لأنه كان بحضرتهن قال بعضهم أو لم يقل السجن أحب إليّ لم يبتل بالسجن والأولى بالعبد أن يسأل الله العافية: {وإلا تصرف عني كيدهن} يعني ما أردن مني: {أصب إليهن} أي أمل إليهن يقال صبا فلان إلى كذا إذا مال إليه واشتاقه: {وأكن من الجاهلين} يعني من المذنبين وقيل معناه أكن ممن يستحق صفة الذم بالجهل، وفيه دليل على أن من ارتكب ذنبًا إنما يرتكبه عن جهالة: {فاستجاب له ربه} يعني فأجاب الله تعالى دعاء يوسف: {فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع} يعني لدعاء يوسف وغيره: {العليم} يعني بحاله وفي الآية دليل على أن يوسف لما أظلته البلية بكيد النساء ومطالبتهن إياه بما لا يليق بحاله لجأ إلى الله وفزع إلى الدعاء رغبة إلى الله ليكشف عنه ما نزل به من ذلك الأمر مع الاعتراف بأنه إن لم يعصمه من المعصية وقع فيها فدل ذلك على أنه لا يقدر أحد عن الانصراف عن المعصية إلا بعصمة الله ولطفه به. اهـ..قال أبو حيان: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}ذا اسم الإشارة، واللام لبعد المشار، وكن خطاب لتلك النسوة.واحتمل أن يكون لما رأى دهشهن وتقطيع أيديهن بالسكاكين وقولهن: ما هذا بشرًا، بعد عنهن إبقاء عليهن في أنْ لا تزداد فتنتهن، وفي أنْ يرجعن إلى حسنهن، فأشارت إليه باسم الإشارة الذي للبعيد، ويحتمل أن تكون أشارت إليه وهو للبعد قريب بلفظ البعيد رفعًا لمنزلته في الحسن، واستبعادًا لمحله فيه، وأنه لغرابته بعيد أن يوجد منه.واسم الإشارة تضمن الأوصاف السابقة فيه كأنه قيل: الذي قطعتن أيديكن بسببه وأكبرتنه وقلتن فيه ما قلتن من نفي البشرية عنه وإثبات الملكية له، هو الذي لمتنني فيه أي: في محبته وشغفي به، قال الزمخشري: ويجوز أن يكون إشارة إلى المعنى بقولهن: عشقت عبدها الكنعاني تقول: هذا ذلك العبد الكنعاني الذي صورتن في أنفسكن ثم لمتنني فيه، يعني: إنكن لو تصورنه بحق صورته، ولو صورتنه بما عاينتن لعذرتنني في الافتننان به انتهى.والضمير في فيه عائد على يوسف.وقال ابن عطية: ويجوز أن تكون الإشارة إلى حب يوسف، والضمير عائد على الحب، فيكون ذلك إشارة إلى غائب على بابه انتهى.ثم أقرت امرأة العزيز للنسوة بالمراودة، واستنامت إليهن في ذلك، إذ علمت أنهن قد عذرنها.فاستعصم قال ابن عطية: معناه طلب العصمة، وتمسك بها وعصاني.وقال الزمخشري: والاستعصام بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد، كأنه في عصمة وهو يجتهد في الاستزادة منها، ونحو: استمسك، واستوسع، واستجمع الرأي، واستفحل الخطب.وهذا بيان لما كان من يوسف عليه السلام لا مزيد عليه، وبرهان لا شيء أنور منه على أنه بريء مما أضاف إليه أهل الحشو مما فسروا به الهمّ والبرهان انتهى.والذي ذكر التصريفيون في استعصم أنه موافق لاعتصم، فاستفعل فيه موافق لافتعل، وهذا أجود من جعل استفعل فيه للطلب، لأن اعتصم يدل على وجود اعتصامه، وطلب العصمة لا يدل على حصولها.وأما أنه بناء مبالغة يدل على الاجتهاد في الاستزادة من العصمة، فلم يذكر التصريفيون هذا المعنى لاستفعل.وأما استمسك واستوسع واستجمع الرأي فاستفعل فيه موافقة لافتعل، والمعنى: امتسك واتسع واجتمع الرأي، وأما استفحل الخطب فاستفعل فيه موافقة لتفعل أي: تفحل الخطب نحو: استكبر وتكبر.ثم جعلت تتوعده مقسمة على ذلك وهو يسمع قولها بقولها: ولئن لم يفعل ما آمره.والضمير في آمره عائد على الموصول أي: ما آمر به، فحذف الجار، كما حذف في أمرتك الخير.ومفعول آمر الأول محذوف، وكان التقدير ما آمره به.وإن جعلت ما مصدرية جاز، فيعود الضمير على يوسف أي: أمري إياه، ومعناه: موجب أمري.وقرأت فرقة: {وليكونن} بالنون المشددة، وكتبها في المصحف بالألف مراعاة لقراءة الجمهور بالنون الخفيفة، ويوقف عليها بالألف كقول الأعشى:و{من الصاغرين} من الأذلاء، ولم يذكر هنا العذاب الأليم الذي ذكرته في ما جزاء من أراد بأهلك سوءا، لأنها إذ ذاك كانت في طراوة غيظها ومتنصلة من أنها هي التي راودته، فناسب هناك التغليظ بالعقوبة.وأما هنا فإنها في طماعية ورجاء، وأقامت عذرها عند النسوة، فرقت عليه، فتوعدته بالسجن.وقال له النسوة: أطع وافعل ما أمرتك به، فقال: رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه.فأسند الفعل إليهن لما ينصحن له وزين له مطاوعتها، ونهينه عن الفاء نفسه في السجن والصغار، فالتجأ إلى الله تعالى.والتقدير: دخول السجن.وقرأ عثمان، ومولاه طارق، وزيد بن علي، والزهري، وابن أبي إسحاق، وابن هرمز، ويعقوب: {السجن} بفتح السين وهو مصدر سجن أي: حبسهم إياي في السجن أحب إليّ وأحب هنا ليست على بابها من التفضيل، لأنه لم يحب ما يدعونه إليه قط، وإنما هذان شران، فآثر أحد الشرّين على الآخر، وإن كان في أحدهما مشقة وفي الآخر لذة، لكن لما يترتب على تلك اللذة من معصية الله وسوء العاقبة، ولم يخطر له ببال.ولما في الآخر من احتمال المشقة في ذات الله، والصبر على النوائب، وانتظار الفرج، والحضور مع الله تعالى في كل وقت داعيًا له في تخليصه.آثره ثم ناط العصمة بالله، واستسلم لله كعادة الأنبياء والصالحين، وأنه تعالى لا يصرف السوء إلا هو.فقال: وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن أي: أمل إلى ما يدعونني إليه.وجعل جواب الشرط قوله: أصب، وهي كلمة مشعرة بالميل فقط، لا بمباشرة المعصية.وقرئ {أصب إليهن} من صببت صبابة فأنا صب، والصبابة إفراط الشوق، كأنه ينصب فيما يهوي.وقراءة الجمهور: {أصب} من صبا إلى اللهو يصبو صبًا وصبوّا، ويقال: صبا يصبا صبًا، والصبا بالكسر اللهو واللعب.وأكن من الجاهلين من الذين لا يعلمون بما، لأن من لا جدوى لعلمه فهو ومن لا يعلم سواء، أو من السفهاء لأنّ الوقوع في موافقة النساء والميل إليهن سفاهة.قال الشاعر: وذكر استجابة الله له ولم يتقدم لفظ دعاء لأن قوله: وإلا تصرف عني، فيه معنى طلب الصرف والدعاء، وكأنه قال: رب اصرف عني كيدهن، فصرف عنه كيدهن أي: حال بينه وبين المعصية.إنه هو السميع لدعاء الملتجئين إليه، العليم بأحوالهم وما انطوت عليه نياتهم. اهـ. .قال ابن تيمية: وَفِي قَوْلِ يُوسُفَ: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} عِبْرَتَانِ:إحْدَاهُمَا اخْتِيَارُ السَّجْنِ وَالْبَلَاءِ عَلَى الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي.والثَّانِيَةُ طَلَبُ سُؤَالِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ أَنْ يُثَبِّتَ الْقَلْبَ عَلَى دِينِهِ وَيَصْرِفَهُ إلَى طَاعَتِهِ وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ يُثَبِّتْ الْقَلْبَ صَبَا إلَى الْآمِرِينَ بِالذُّنُوبِ وَصَارَ مِنْ الْجَاهِلِينَ. فَفِي هَذَا تَوَكُّلٌ عَلَى اللَّهِ وَاسْتِعَانَةٌ بِهِ أَنْ يُثَبِّتَ الْقَلْبَ عَلَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَفِيهِ صَبْرٌ عَلَى الْمِحْنَةِ وَالْبَلَاءِ وَالْأَذَى الْحَاصِلِ إذَا ثَبَتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ.وَهَذَا كَقَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}. وَمِنْهُ قَوْلُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} وَقَوْلِهِ: {بَلَى إنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}. فَلابد مِنْ التَّقْوَى بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورِ كَمَا فَعَلَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اتَّقَى اللَّهَ بِالْعِفَّةِ عَنْ الْفَاحِشَةِ وَصَبَرَ عَلَى أَذَاهُمْ لَهُ بِالْمُرَاوَدَةِ وَالْحَبْسِ وَاسْتَعَانَ اللَّهَ وَدَعَاهُ حَتَّى يُثَبِّتَهُ عَلَى الْعِفَّةِ فَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ وَصَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ.
|